ويبقى مخيم عين الحلوة في دائرة الخطر
أيلول 21, 2023

د. وائل نجم

توقّفت الاشتباكات حالياً في مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار بعد جهود جبارة بذلها أكثر من طرف فلسطيني ولبناني وكان أبرزها دخول رئيس المجلس النيابي نبيه برّي على خط الوساطة، غير أنّه وكما يبدو فالنار ما تزال تحت الرماد ليس لأنّ الحلّ غير منصف أو الوساطة غير مكتملة العناصر، ولكنّ وكما يبدو لأنّ من يقف خلف تجدّد الاشتباكات لديه أجندة خاصة تهدّد المخيم بالزوال وتهدّد اللاجئين بالتهجير أو التوطين، وتهدّد القضية الفلسطينية بالتصفية.

لقد ظهر من خلال تجدّد الاشتباكات كلّ مرّة أنّ وراء الأكمة ما وراءها ويأتي في طليعة ذلك محاولات تهجير اللاجئين من المخيم وإسكانهم في أماكن أخرى كمقدمة لتهجيرهم أو توطينهم وهذا يعني تصفية حقّ اللجوء والقضية الفلسطينية، وقد لاحظنا محاولة لإقامة مخيّم جديد عند مدخل صيدا الشمالي غير أنّ تدخّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسّام مولوي حال دون إقامة المخيّم. إذاً لقد كانت محاولة هدفت إلى إسكان النازحين خارج المخيم وهو ما يعني عملياً بداية تفريغ مخيم "عين الحلوة" من اللاجئين، وهو المُسمّى بعاصمة الشتات الفلسطيني، وهو ما يعني أيضاً مخاطر تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على اعتبار أنّ وجود مخيم "عين الحلوة" ما يزال يشكّل الضامن الأساسي لحقّ العودة ولحقّ اللاجئين. بمعنى آخر هناك قلق من أن تكون هذه العمليات مقدّمة لتصفية حقّ العودة إلى فلسطين. وهو ما يصبّ في خدمة المشروع الإسرائيلي وتدمير وتصفية القضية الفلسطينية، والسؤال البارز: من المستفيد من ذلك؟ ومن يقف خلفه؟

لقد تبادل طرفا الصراع المسؤولية عن اندلاع الاشتباكات وتوسّعها، وألقى كلّ منهما باللائمة على الآخر والحقيقة المُرّة أنّ أطراف المواجهة الحالية حوّلوا المخيم إلى ساحة بيد أطراف خارج المخيم أو خارجية تستخدمه في حساباتها أو في رسائلها أو في كلا الأمرين معاً بينما يدفع اللاجيء الفلسطيني الثمن من أمنه واستقراره واستمرار قضيته، والأنكى أنّ هذه الأطراف الخارجية ربما يعمل كلّ من موقعه لتصفية مخيم "عين الحلوة" واجتثاثه تماماً كما حصل مع مخيم "نهر البارد" في شمال لبنان كمقدمة لاجتثاث القضية الفلسطينية والإجهاز على حق العودة الذي ما يزال يشكّل ويعطي شرعية للسلاح الفلسطيني المقاوم؛ أو حتى لاجتثاث أو تقليص الوجود الفلسطيني في لبنان وهو ما يشغل تفكير بعض المجموعات اللبنانية التي ما تزال تفكّر بعقلية ضيّقة ومحدودة تعيش حالة الخوف والقلق على الدوام.

الحقيقة المّرّة الثانية أنّ مخيم "عين الحلوة" ومعه اللجوء الفلسطيني في لبنان في خطر حقيقي إذ أنّ نوايا بعض الأطراف الداخلية والخارجية باتت واضحة لناحية استخدام الفلسطينيين حتى آخر لحظة ومن ثمّ تصفية قضيتهم كمقدمة لنشوء واقع جديد يسمح بمرور بعض التسويات والصفقات.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".