رئيس الإئتلاف الوطني السوري المعارض السابق يوجّه رسالة إلى اللبنانيين قادة ومواطنين.. وهذا ما جاء فيها:
نيسان 12, 2024

توجّه الرئيس الأسبق للائتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب برسالة إلى اللبنانيين عامة حول الأحداث الأخيرة التي ترافقت مع حادثة اختطاف وقتل منسق حزب القوات اللبنانية في جبي باسكال سليمان، وإلقاء القبض على عدد من اللاجئين السوريين بتهمة ارتكاب الجريمة، ونشرها على حسابه على منصة "أكس"، وخاطب الخطيب كل مسؤولي الدولة والأحزاب اللبنانية وقادة الرأي والاجتماع دون استنثاء وعدّهم فرداً فرداً، وقال:

"السلام عليكم ورحمة الله وخالص التحية لكم وبعد:

فأقدم خالص العزاء بكل أبناء لبنان الذين تمتد يد الجريمة إليهم وأخص الفقيد الكبير باسكال سليمان الذي كان اختطافه ثم اغتياله عملاً في غاية الدناءة والإجرام.

بعيداً عن أي خلاف سياسي ومن منطلق إنساني وموضوعي محض أتوجه لكم جميعاً بالتصور التالي : إن منطقتنا في هذا العالم بؤرة ثقافات وتنوعات لاتكاد تنتهي ويمكن التعامل معها بطريقين : التصعيد الحاد للهويات وسيؤدي ذلك إلى احتقانات هائلة يتم تفريغها كل فترة بسيول من دماء الجميع، والطريقة الثانية هي التفاهم والتراحم والتعايش الإيجابي.

اللاجىء السوري لم يأت بمحض إرادته ولم ينو يوماً مضايقة أو مزاحمة أحد في شيء .

ماحصل في سورية مهما اختلفنا في النظر إليه هو مأساة غير مسبوقة جعلت أكثر من عشرة ملايين سوري ينجون بأرواحهم في بلاد ابتلعت سجونها مئات ألوف الأبرياء وسكب من دماء أبنائها مئات ألوف أخرى واللبنانيون جميعا يدركون معنى الظلم والإكراه وتدخل الأصابع الإقليمية والدولية فقد مروا بظروف قاسية للغاية مازالت آثارها موجودة حتى الآن.

إننا كسوريين ندرك أن البلاد المجاورة تحملت عبئاً كبيراً فوق أعبائها ونشكر أهلنا في لبنان والأردن ومصر وتركيا وكردستان العراق التي فتحت أبوابها لنا وتحملت الكثير.

مهم إدراكنا المشترك لعدة أمور :

-المنطقة كلها صارت ساحة تصفية حسابات وصناعة معادلات ومصالح على حساب مقوماتها وشعوبها.

-أن تنوعها الفريد يراد له التدمير والفناء، وتصعيد العداوات والنزاعات هو الوسيلة الأقرب لذلك (كم هو مؤلم أن يكون هناك عمل خطير خلال سنوات طويلة لاقتلاع الوجود المسيحي في الشرق الأوسط وأن يكون هناك تهديد وجودي لنا كسوريين في هويتنا وانتمائنا).

-الحفاظ على هويات الجميع ضرورة إنسانية وحضارية وعامل غنى لنا جميعاً وعلينا كلنا أن نحافظ على هويات بعضنا والتي أعطت العالم كله نسيجاً فريداً غير مسبوق.

-الروح الآسرة للبنان معجونة بأرقى معاني الرحمة والصفاء والإنسانية من قديسها مار مارون السوري السرياني إلى إمامها الأوزاعي مروراً بكثيرين أوقدوا النور في دروب عالم مائج بالاضطرابات.

-إن الاحتقانات والخلافات لايمكن حلها من خلال تحميلها على أضعف الأطراف وجعله كبش الفداء فذلك سيزيد الأمور تعقيداً.

-العدل مطلب مقدس للبشر وأية عقوبة لأي فعل يجب أن تقتصر على صاحبها والعقاب الجماعي مرفوض قانونياً وشرعياً وأخلاقياً.

-لاتوجد مجموعة في لبنان إلا وتعرضت لإجحاف ما أو اغتيالات أو اضطهاد وصار عندها شعور شديد بالظلم، ولاتستوفى تلك المظلوميات بظلم أقسى بل بانفتاح ووعي أكبر .

أخيراً: عند وجود قانون يستريح ويأمن الجميع وريثما يتم تجاوز عقبات عديدة فبحث العقلاء عن حل لأي قضية سيدفع تجاه بداية حل بدل الغرق في التصعيد والكراهية التي ستنعكس سلباً في كل مفاصل الحياة.

أرجو منكم ومن كل لبناني أن يعيش المأساة التي حلت بأكثر السوريين وأن يتفهم أن إدراكه لها سيعين السوري أكثر ليتجاوز مامر به من آلام وعذابات وسينعكس ذلك بشكل إيجابي علينا كلنا متجاوزين معه أنواعاً من الإذلال والإساءة غير المبررة التي تعرض لها البعض، وإني أعتذر شخصياً عن بعض السوريين الذين قد يكونوا قد أساؤوا التصرف يوماً بسبب ظرف قاهر أو احتياج ما.

كما أدعو كل سوري إلى الالتزام بالقانون واحترام حياة وخصوصيات أهلنا اللبنانيين وأن لايكون بقاء أي سوري إلا لاضطرار وظرف قاهر ومن يتمكن من العودة إلى بلده آمناً فعليه القيام بذلك بأقرب وقت.

أشكر ثانية كل من يبذل جهداً لزرع الأمن والاستقرار والقانون وأرجو أن نتشارك في تهدئة الساحات والقلوب وفي ذلك كل الخير للجميع.

مع وافر التحية والتقدير والاحترام".