ما أسباب خلاف ترامب مع نتنياهو؟
أيار 10, 2025

رأي القدس

نبّهت «القدس العربي»، في افتتاحية سابقة، إلى وجود تباين جديد بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي، وذلك بعد إعلان سلطنة عُمان، الثلاثاء الماضي عن اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة «أنصار الله» الحوثيين، والذي ترافق مع إعلان الجماعة اليمنية عن أن الاتفاق يتعلّق بالسفن الأمريكية ولا يشمل إسرائيل، وهو ما ظهر فعلا مع تتابع إطلاق الحوثيين للمسيرات والصواريخ على إسرائيل (كان آخرها صاروخان أمس الجمعة) وهو ما عنى أن الولايات المتحدة قد اختارت الحياد في الصراع بين الحوثيين وإسرائيل.

التباين الأول تم رصده أيضا مع «استدعاء» ترامب لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، خلال اتصال هاتفي في 6 نيسان/ابريل الماضي لإبلاغه أن الولايات المتحدة قررت بدء مفاوضات مع إيران. واضح أن نتنياهو لم يدرك أن هذه كانت خطوة أولى ضمن استراتيجية تغيير أكبر تتعلق بمجمل منطقة الشرق الأوسط سيدخل الاتفاق مع الحوثيين، وزيارة ترامب إلى دول الخليج، والعلاقات مع تركيا، في صلبها.

ووجه الغضب الإسرائيلي الخفيّ من هذا الاتفاق بتصريح لمايك هاكابي، السفير الأمريكي في تل أبيب، لقناة 12 الإسرائيلية الخاصة، قال فيه إن «الولايات المتحدة ليست مضطرة للحصول على إذن من إسرائيل لعقد نوع من الترتيب الذي من شأنه أن يمنع الحوثيين من إطلاق النار على سفننا»، وأن أي تغيير على هذا الاتفاق يعتمد، كما قال، على «ما إذا كان مواطنون أمريكيون قد تضرروا أم لا».

تتالت بعد ذلك وقائع تشير إلى تطوّر هذا الاختلاف في خصوص اليمن ليشمل قضية دخول المساعدات إلى غزة وزيارة ترامب إلى المنطقة، فأعلن أن الرئيس الأمريكي لن يسافر إلى إسرائيل لمقابلة نتنياهو خلال زيارته إلى المنطقة قريبا، فيما أعلن هاكابي، عن موقف أمريكي مستجدّ فيما يخص قطاع غزة، الذي بدأ سكانه يعانون من المجاعة بسبب وقف حكومة نتنياهو وشركائه دخول المساعدات، فقال إن مساعدات ستصل غزة «من دون تدخل تل أبيب».

توسعت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية في نشر تفاصيل وتقديم تحليلات للموضوع، فرأت «يديعوت أحرونوت» أن «ترامب سئم من نتنياهو»، وقالت إذاعة إسرائيل إن «ترامب قطع الاتصال مع نتنياهو»، ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالا للصحافي المعروف توماس فريدمان على شكل رسالة لترامب أشار فيه إلى أن سفر الأخير إلى السعودية والإمارات وقطر، وامتناعه عن مقابلة نتنياهو في إسرائيل يعني أنه بدأ يفهم أن «نتنياهو ليس صديقا» وأن «حكومة إسرائيل تتصرف بطرق تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة».

الأغلب أنه بعد النجاح الذي لقيه نتنياهو في إقالة آدم بوهلر، المبعوث الأمريكي لشؤون المختطفين، بسبب لقائه المباشر في الدوحة بخليل الحية، القيادي في «حماس»، وفصله قضية الرهائن الأمريكيين لدى الحركة عن غيرهم، ارتفع منسوب الغطرسة الإسرائيلية إلى حد أقصى، مدعوما بقوة النفوذ الإسرائيلي في واشنطن، لكنّ المبالغة في ذلك أدّت لنتائج معاكسة.

وصل الأمر، حسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، إلى أن رون ديرمر، «وزير الشؤون الاستراتيجية» الإسرائيلي، المقرّب بشدة من نتنياهو، تحدث بغطرسة مع كبار المسؤولين الجمهوريين بشأن «ما يجب على ترامب فعله»، وأن رد ترامب على ذلك كان قرار «قطع الاتصال مع نتنياهو».

هناك مثل إنكليزي عن «الذيل الذي يحرّك الكلب»، ويبدو أن هذا «الكلب» في هذا المثل الذي ينطبق، لأسباب يطول شرحها، على علاقة إسرائيل بأمريكا، قد غضب أخيرا من شدّة تحريك الذيل له. يندفع ترامب، حاليا، لمحاولة تحقيق «انتصارات» بعد الخسائر التي تكبّدها الاقتصاد الأمريكي بعد أزمة رفع التعريفات الجمركية، عبر تحقيق اتفاق مع إيران، وصفقات مع دول الخليج العربي، واحتمال الاتفاق مع الصين التي بدأت مفاوضات أمريكا معها في سويسرا.

المبارزة الحاصلة هي بين مصلحة ترامب الكبيرة في تحقيق «انتصارات» سياسية قد تنقذ شعبيته المتراجعة (واقتصادية توازن التراجع الذي لحق بأسواق النفط والغاز والمال الأمريكية) ومصلحة نتنياهو الذي يراهن على استمرار ائتلافه المتطرّف الحكومي عبر تأبيد الحرب في غزة، وتصعيد الاستيطان في الضفة، والحرب على إيران، ومزيد من التغوّل في سوريا ولبنان والأردن.

المصدر : القدس العربي

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".