ويبقى رمضان أملاً للأمة المستهدفة في قيمها ووجودها
آذار 23, 2023

وائل نجم

مع فجر الخميس يبزغ فجر رمضان لهذا العام حاملاً معه الأمل والثقة من جديد لأمة باتت منهكة ومشتّتة ومطاردة ومستهدفة في قيمها وحضورها وخيراتها ومقدساتها وفي كلّ شيء كجزء من الحملة المنظّمة التي تستهدف الإسلام، دين الله الذي أرسل به رسله للناس كافة.

يعود رمضان وأهالي بيت المقدس يعانون ويعيشون تحت غطرسة الاحتلال الإسرائيلي الذي يريد كل يوم هدم كلّ معلم في مدينة القدس يمتّ إلى تاريخ هذه المدنية وساكنيها ليخي تلك المعالم بهدف تغيير وجهها الحقيقي لصالح وجه مشوّه لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة.

وليس بعيداً عن بيت المقدس وفي أكنافه في الضفة الغربية وبقية المناطق وصولاً إلى غزّة يعاني أهالي هذه المناطق الحصار تارة، والاعتداءات والترهيب تارة أخرى، والتضييق تارة ثالثة بهدف تهجير أهل الأرض على قاعدة أنّه ليس هناك حقيقة لوجود أهل أو شعب في هذه المناطق كما صرّح بذلك قبل أيام وزير المالية الصهيونية في أوروبا.

ولكن رمضان يحمل لأهل القدس، ولأهل أكناف بيت المقدس وككلّ عام أملاً جديداً بالخلاص، وثقة متجدّدة بأنّ وعدالله آت آت، وأنّ مع الصبر النصر، ومع العسر يسراً.

أمّا في سوريا حيث تكبّد أهالي هذا البلد الخسائر الفادحة لا لشيء إلاّ لأنّهم خرجوا يطلبون الحرّية لأنفسهم وأبنائهم، وهذا حقّ طبيعي لهم، فإذا بالمؤامرة الكونية، كما يحلو للبعض أن يصفها، تستهدفهم وتتآمر عليهم وترتكب بحقهم أبشع أنواع الصفقات التي تجعل من البريء متهماً ومن المجرم حملاً وديعاً. ولكن أمل السوريين وكما صرخوا منذ اليوم الأول لثورتهم، "ما إلنا غيرك يا الله" ، وها هو رمضان يعيد لهم الأمل والثقة فتراهم لمناسبة الذكرى السنوية لانطلاق ثورتهم يجدّدون التأكيد على ثباتهم والتمسّك بحقّهم بالحرية والعيش الكريم.

في اليمن والعراق وليبيا والسودان ومصر وتونس وغيرها من الأقطار العربية والإسلامية تكاد تكون المعاناة واحدة أو مشابهة لبعضها. هناك من يريد لهذه الأوطان أن تظلّ في حالة سيولة واستنزاف دون أن تتمتّع للحظة واحدة بقرارها الحرّ والمستقل، ودون أن تعمل على بناء مؤسساتها بعيداً عن الهيمنة الخارجية بحيث تكون في خدمة أوطانها. وكلّما قامت محاولة للنهوض أو كما خطا البعض خطوة في مسار التحرّر الشامل نجد أنّ الخارج يحرّك بيادقه التي ارتضت أن تكون ألعوبة بيده لفرض واقع جديد يعيد إنتاج الأزمة من جديد وبالتالي استمرار المعاناة واستمرار النزف.

غير أنّ كلّ هؤلاء يأتي رمضان أيضاً ويجدّد فيهم الأمل والثقة، ويعطيهم جرعة من الصمود والاستمرار لإكمال المسيرة والنهوض بهذه الأوطان دونما خضوع لأي اعتبار خارجي. ورمضان هذا العام سيعطي من جديد كل أهالي هذه الأقطار جرعة أمل وثقة جديدة للاستمرار والصمود والصبر.

وأمّا في لبنان، هذا البلد الصغير المنسي في طرف الأرض، فإنّ الأمر لا يختلف كثيراً أيضاً، فهناك الأزمة الاقتصادية والحياتية التي تعصف بالبلد والتي يظنّ الكثيرون أنّها مفتعلة وسياسية والهدف منها إخضاع البلد لسلطان الخارج بشكل كامل. لقد بلغت الأزمة مستويات لم تكن معهودة من قبل، ووُجّهت في اتجاهات عديدة، ولكن رمضان يأتي من جديد ليجّد الثقة والأمل الذي يجعلنا نصبر ونعي مخاطر الأزمة واستهدافاتها ومن ثمّ نتعامل معها على هذا الأساس وندرك كغيرنا من شعوب المنطقة أنّ بعد العسر يسراً وأنّ بعد الشدّة الفرج.