نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية يوم
الجمعة تقريراً أوردت فيه معلومات عن نجاح
جهود إسرائيلية أمريكية لترتيب لقاء بين الرئيس السوري المخلوع بشّار الأسد، ورئيس
جهاز الموساد الإسرائيلي في موسكو، غير أنّ الأحداث التي جرت في الميدان كانت أسرع
ما جعل كلّ الجهود تنهار وتنتهي بانهيار النظام، وهذا أبرز ما أورده تقرير الصحيفة
العبرية مختصراً عن صحيفة "العربي الجديد".
"موسى"
ليس شخصاً في هذه الحالة، ولكنه عدة أشخاص، يشكّلون معاً فريقاً في إحدى وحدات
شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، حرصوا على التواصل مع المسؤولين
السوريين في نظام بشار الأسد على مر سنوات، وإطلاعه على تطورات، من خلال مجموعة
على تطبيق "واتساب"، استخدمت أيضاً لغة التهديد والترغيب، ورتبوا للقاء
بين الأسد ورئيس الموساد السابق يوسي كوهين في موسكو، من أجل صفقة سرية، قبل إلغاء
الأسد اللقاء في اللحظة الأخيرة.
تشير
صحيفة "يديعوت أحرونوت"، التي نشرت المعلومات أعلاه في تحقيق مطوّل، يوم الجمعة، إلى قيام إسرائيل بممارسة أنشطة سرية لإنشاء قناة اتصال مع الأسد
ومحيطه، وأن رسائل "موسى" وصلت إلى القيادة في دمشق. كما كانت عمليات
أخرى تهدف إلى إبرام صفقة سرية، حيث يوقف الأسد نقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان
مقابل رفع العقوبات. وكان من المفترض أن يلتقي كوهين في الكرملين، ولكن بعد ذلك
انهار كل شيء في سورية.
جُنّدت
الولايات المتحدة أيضاً لجهد التوصل الى تسوية بين إسرائيل والأسد، وكانت الرسالة
التي نُقلت إلى الأسد واضحة، وفقاً لمصادر الصحيفة، "أخرج من المحور، وستحصل
على تخفيف كبير في العقوبات وشرعية دولية، رغم جرائم الحرب ضد شعبك"، مضيفة:
"هذا الأسبوع، نكشف أن إحدى ذروات هذا الجهد كانت في نهاية عام 2019، عندما
حُدّد اجتماع شخصي بين يوسي كوهين، رئيس الموساد آنذاك، والأسد في الكرملين بموسكو
بوساطة الرئيس (فلاديمير) بوتين. ألغى الأسد مشاركته في اللحظة الأخيرة".
قبل
حوالي شهرين من عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023،
أوصت شعبة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية بـ"تطوير التفكير في سورية
باعتبارها دولة، أي ليس كياناً مكسوراً، بل قبول حكم الأسد، باستخدام شراكات
إقليمية، وتفاهمات محددة، وما إلى ذلك". وقبل أن يتطور هذا التوجه، اندلعت
الحرب. وتنقل الصحيفة الإسرائيلية عن مصادرها أن "الأسد لم ينضم رسمياً إلى
الحرب ضد إسرائيل. وباستثناء حالات قليلة، لم يسمح أيضاً بإطلاق النار من أراضيه
باتجاه إسرائيل".
وكثفت
إسرائيل الهجمات في سورية ضد القوات الإيرانية وقوات حزب الله الموجودة هناك،
لكنها أدركت أن الهجمات في سورية محدودة، وإذا ما أصيب جنود روس، على سبيل المثال،
فإن الوضع سيصبح معقّداً للغاية. وكان هذا هو الوقت، بالنسبة لإسرائيل، لمحاولة العودة
إلى الفكرة من عام 2019، وإبرام صفقة مع الأسد مرة أخرى. وجُنِّدت واشنطن وموسكو
هذه المرة، وكذلك دول عربية لديها مصلحة مزدوجة في فصل الأسد عن المحور. وركّز
الوسطاء على وعود بالمساعدة الاقتصادية من دول خليجية، وانسحاب مئات الجنود
الأميركيين المنتشرين في شمال شرق سورية منذ عام 2015، ومرة أخرى، على عروض لتخفيف
العقوبات الأميركية الصارمة على نظام الأسد.
في الوقت
نفسه، عُقدت سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين الروس، بإدارة السكرتير
العسكري لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اللواء رومان جوفمان، ومسؤولين
آخرين مقربين من القيادة في دمشق وتل أبيب. وفي إسرائيل، وفقاً للصحيفة، لم
يتوقعوا هذه المرة أيضاً انتقال الأسد بالكامل إلى الجانب الآخر، وقطع كل العلاقات
مع إيران، وتراجع تهريب الأسلحة إلى الصفر.. "لكن إذا كان هذا الضغط سيؤدي
إلى تقليل معيّن، فسيستحق ذلك الجهد". لكن كانت هناك مشكلة واحدة فقط،
"الواقع كان أسرع بكثير من هذه الاتصالات. انهار نظام الأسد، وبسهولة تامة.
هذا الانهيار السريع فاجأ الجميع، بما في ذلك المخابرات الإسرائيلية. ولو كانت
هناك صفقة قد نُسجت مع الأسد، لكانت إسرائيل ستكتشف أنها راهنت على البطاقة
الخاطئة"، كما جاء في الصحيفة.
المصدر
بتصرّف: العربي الجديد