شهدت منطقة الساحل السوري توتراً أمنياً واشتباكات ومواجهات مع مجموعات مسلحة فاق
عددها 1500 مسلّح في عموم منطقة الساحل خاصة في مدن وأرياف طرطوس واللاذقية، ما
أدّى إلى سقوط أعداد من القتلى، ومواجهات بين المسلّحين وقوات الأمن العام التابعة
لوزارة الداخلية ومن ثمّ مع الجيش العربي السوري التابع لوزارة الدفاع.
وفي
تفاصيل هذه المواجهات، أنّه عند ساعة الغروب من يوم الخميس الماضي تعرّض مخفر
للأمن العام في محافظة اللاذقية لهجوم مسلّح بالتزامن مع تعرّض أفراد من المخفر
لكمين مسلّح أثناء انتقالهم لتأمين وجبة إفطار لعناصر المخفر، وقد أدّى الاعتداء على
الدورية وعلى المخفر إلى مقتل عدد من أفراد الأمن وأسر خمسة آخرين.
استقدمت
قوات الأمن المزيد من القوات والعناصر لدعم المخفر الذي تعرّض للهجوم فاكتشفت أنّ
مجموعة كمائن نصبت لقوات الدعم من قبل مسلّحين آخرين راحوا يطلقون النار على قوات
الأمن ويقطعون الطرق أمامها، فأدركت أنّ هناك خطة محكمة بدأت تسير بشكل متدرّج
للسيطرة بشكل تدريجي على مفاصل منطقة الساحل، وهو ما بدأ يحصل بالفعل حيث سيطر
مسلّحون على بعض المباني الحكومية وبعض المشافي في مدن اللاذقية وطرطوس وجبلة،
وهنا أدركت الحكومة السورية أنّ مخططاً يجري تنفيذه ليل الخميس يقضي بالسيطرة على
الساحل السوري ومن ثمّ الاستعصاء على الدولة كمقدمة لإقرار أمر واقع يقسّم سورية
ويستدعي تدخلاً خارجياً تحت عنوان حماية أهل الساحل.
أمام هذا
الخطر المحدق بسورية وأهلها، طلبت الحكومة من وزارة الدفاع والجيش العربي السوري مؤازرة
قوات الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية، فتدخّلت قوات الجيش لحماية أهل الساحل
وأبناء المنطقة من المسلّحين الذين تبيّن وفق بيانات أصدروها ارتباطهم بالنظام
السابق ودعمهم من دول إقليمية، وكشفوا عن نيّتهم إعادة سيطرة النظام على سورية.
استقدمت
وزارة الدفاع المزيد من القوات إلى منطقة الساحل، وأعلنت النفير العام في البلاد
وتمكّنت من حشد نصف مليون مقاتل خلال فترة لم تتجاوز أربع ساعات، كما تمكّنت من
تسيير قوافل إمداد إلى الساحل خلال ساعات الليل حتى تفاجأ المسلّحون بحشود غفيرة
باتت في منطقة الساحل مع ساعات الفجر.
وقد بدأت
قوات وزارة الدفاع اعتباراً من فجر يوم الجمعة عمليات عسكرية موضعية تمكّنت خلالها
من طرد المسلّحين من مدن طرطوس واللاذقية وجبلة، ومن أريافها باتجاه الغابات والجبال،
وجرّدت حملات دهم وتعقّب بهدف إلقاء القبض على المطلوبين وهم باتوا معروفين
بالأسماء، وتمكّنت من إلقاء القبض على بعض كبار ضبّاط النظام السابق من بينهم
إبراهيم الحويجة وغيره.
غير أنّ
قدوم عشرات آلاف المقاتلين إلى منطقة الساحل أوقع بعض الانتهاكات والتجاوزات وهو ما
تحدّثت عنه وزارة الداخلية وتعهدّت بمحاسبة المتجاوزين، وأكّدت على أنّ الهدف من
الحملة على المسلّحين تأمين المدن والبلدات وترسيخ الاستقرار وحماية المدنيين
والسكّان من المسلّحين ومن فلول النظام السابق.
من جهته أكد
الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، على مواصلة ملاحقة من وصفهم
بفلول النظام الساقط وتقديمهم إلى محاكمات عادلة.
وقال
الشرع في خطاب موجّه لأولئك الفلول: "إنكم بفعلكم الشنيع بقتل من يحمي سوريا
قد اعتديتم على كل السوريين وبهذا لقد اقترفتم ذنبا لايغتفر وقد جاءكم الرد الذي
لاصبر لكم عليه فبادروا إلى تسليم سلاحكم وأنفسكم".
وتابع
الشرع" لا نريد سفك دماء أحد". ودعا "المعتدين" إلى تسليم
سلاحهم وأنفسهم قبل فوات الأوان.
وأكد
الرئس السوري على محاسبة كل من يتجاوز على المدنيين العزل. وأضاف: "أهلنا في
الساحل في مناطق الاشتباك جزء من مسؤوليتنا والواجب علينا حمايتهم".
فيما
أكّدت وزارة الدفاع أنّ الوضع بات تحت السيطرة ودعت السكّان إلى العودة إلى بيوتهم
وقراهم، كما أكّدت على مواصلة ملاحقة فلول النظام السابق وفق الخطط العملياتية
المعتمدة، وأكّد المتحدث باسم الوزارة أنّ قوات الجيش قامت بـ"تطويق جميع
المناطق ومحاصرة المطلوبين، ويتم تسليم جميع المقبوض عليهم للجهات الأمنية
المختصة".
إلى ذلك
دانت الجامعة العربية أعمال العنف التي قام بها مسلّحون في منطقة الساحل بسوريا وأكّدت
على دعمها للدولة ومؤسساتها من أجل فرض الأمن والاستقرار وتأمين الحماية للجميع،
كما دانت أعمال العنف كلّ من الخارجية الكويتية والقطرية والمملكة
العربية السعودية، وأكدت على دعم الدولة ورفضت جميعها مشاريع تقسيم سورية.