إعداد روان شهوان
في عصر تتسارع فيه وتيرة التغيير الرقمي، أصبحت منصات
التواصل الاجتماعي تلعب دورًا محوريًا في تشكيل وعي الشباب وسلوكهم. وبين هذه
المنصات، يبرز تطبيق "تيك توك" كأحد أكثر الوسائل تأثيرًا وانتشارًا،
حيث يقدم محتوى متنوعًا يراوح بين الترفيه، التعليم، والتحديات الغريبة. ولكن، هل
هذا التأثير كله إيجابي؟ أم أن هناك جانبًا مظلمًا لا يراه الكثيرون؟
الإبداع والانفتاح على العالم
لا يمكن إنكار أن "تيك توك" فتح أمام الشباب
نافذة واسعة للإبداع والتعبير عن الذات. فالكثير منهم أصبحوا يصنعون محتوى مميزًا،
سواء في التمثيل أو الرقص أو حتى في الشروحات التعليمية. وقد وفّرت المنصة فرصًا
لبعض الموهوبين للوصول إلى جمهور واسع، وربما تغيير مسار حياتهم المهني. كما ساعدت
على نشر التوعية في مجالات متنوعة كالصحة النفسية والتعليم واللغة.
التحديات السلبية والتقليد الأعمى
لكن في المقابل، تنتشر بين الحين والآخر تحديات غير آمنة
أو لا تليق بالقيم المجتمعية. بعض هذه التحديات تدفع المراهقين إلى القيام بتصرفات
خطرة أو محرجة بهدف تحقيق مشاهدات أعلى. هذا التقليد الأعمى دون تفكير بعواقب
الأمور قد يقود إلى نتائج مؤسفة، خاصة لدى الفئات العمرية الأصغر.
الصحة النفسية وضغوط المقارنة
إحدى أبرز السلبيات التي ظهرت مؤخرًا هي تأثير
"المثالية الزائفة" التي ينشرها البعض على تيك توك. فصور الحياة
المثالية، الجمال المبالغ فيه، والنجاح السريع، تخلق ضغطًا نفسيًا على المتابعين،
وقد تؤثر سلبًا على ثقتهم بأنفسهم. تقول الأخصائية النفسية د. سارة العبادي:
"المراهق في هذه المرحلة يبحث عن هويته، وعندما يقارن نفسه بما يراه على هذه
المنصات، قد يشعر بالنقص أو الفشل، رغم أن معظم ما يراه ليس واقعيًا."
دور الأهل والمدارس
هنا يبرز دور الأهل والمدارس في التوجيه. فلا يمكن منع
الشباب من استخدام التكنولوجيا، لكن من المهم بناء وعي نقدي لديهم ليتمكنوا من
التمييز بين الجيد والسيئ، والحقيقي والمزيف. التوعية بأسلوب حواري وفتح باب
النقاش هو أكثر فعالية من أسلوب المنع الصارم.
بين الحظر والحرية
تتباين الآراء حول كيفية التعامل مع هذه الظاهرة. فهناك
من يطالب بفرض رقابة أو حظر على التطبيق، بينما يرى آخرون أن الحل يكمن في التوجيه
والتثقيف. أما الشباب أنفسهم، فيرغبون في مساحة للتعبير، ولكنهم يعترفون أيضًا بأن
المحتوى بحاجة إلى تنظيم أكبر.
"تيك توك" ليس شرًا مطلقًا ولا خيرًا مطلقًا.
هو أداة، واستخدامها الصحيح أو الخاطئ بيد المستخدم. ومن واجبنا كمجتمع أن نرشد
شبابنا ليكونوا جزءًا من عالم رقمي متوازن، يستثمرون فيه طاقتهم وإبداعهم، دون أن
يفقدوا أنفسهم بين موجات المحتوى السطحي والمؤثرات الزائفة.